تقديـــم
بصفة عامة ,يمكن اعتبار البيداغوجيا الفارقة بمجموعة من الاجراءات الخاصة التي تحاول أن تستجيب لوضعية تربوية بدأت تضغط كثيرا في العقود الأخيرة على المجتمع المدرسي ,و هي وضعية تتسم بتواجود متغيرين طالما يصعب الجمع بينهما,وهما:
• تصاعد وتيرة الاختلاف بين الأفراد ,نتيجة التفاوت الحاصل في الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة و وسائل الأعلام و الاتصال الجماهيري....
• المتطلبات المجتمعية التي تلزم المؤسسة المدرسية بضرورة توفير تعليم مشترك لروادها .
و قد خلقت هذه الوضعية صعوبات كبرى لدى المدرسين ,خاصة اولئك الذين ظلوا يعتمدون على الطرائق و التقنيات التربوية الاعتيادية .فمعظمهم صار يجدد نفسه أمام احد أختيارين يعتبران معا منزلقين بيداغوجيين لا يتماشيان و مبدأ دمقرطة التعليم و تكافؤ الفرص التعالسير فقط مع الفئة التي تملك حدا من المؤهلات يضمن لها تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة.قيق الأهداف التعليمية المرجوة.
الاختيار الأول:السير فقط مع الفئة التي تملك حدا من المؤهلات يضمن لها تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة.
الأختيار الثاني:مراجعة الأهداف و النزول بها و بمستوى التعلمات الى ما يسمح لجميع المتعلمين ,أو الغالبية العظمى منهم ,بولوج ميدان التعلم و الأكتساب.
و تفاديا لسقوط في هذين المنزلقين ,جاءت البيداغوجيا الفارقة كاءجراء تربوي يستهدف بالأساس :الأبقاء على الهداف و التعليمات الضرورية المتوخاة(البقاء على المستوى المطلوب)مع فتح المجال أمام جميع المتعلمين لبلوغها. فكيف ستتم اذن هذه المزاوجة ؟ان الأمر يرتبط في هذا المجال بالتخلي تماما من جهة عن المعالجة الموحدة القائمة على التوحيد و التماثل ,و من جهة ثانية عن المعالجة العازلة التي تتناول كل حالة معنية بشكل فردي و مغلق ,و استبدالهما معا بالمعالجة الفارقة.
تعريف البيداغوجيا الفارقية :
و لهذا ,تعتبر البيداغوجيا الفارقية نهجا بيداغوجيا يبحث عن تطبيق مجموعة متنوعة من الوسائل و أجراءات التعليم و التعلم ,بغرض اتاحة الفرصة لمتعلمين غير متجانسين (من حيث السن و الأستعدادات و وتائر التعلم و المعارف...),لكنهم يتواجدون جميعا في فصل دراسي واحد ,و ذلك لبلوغ أهداف مشتركة اعتمادا على مسالك و تقنيات مختلفة....
إن ما يميز البيداغوجيا الفارقية ,حسب المعنى السابق ,هو انها : مجموع مواقف تنفتح أساسا على شخصية المتعلمين ,و على نهوج بيداغوجية معينة ,و على منهجيات للتعليم و التكوين ملائمة,و على تقنيات و أدوات ديداكتيكية خاصة...,بشكل يأخذبعين الأعتبار تنوع المتعلمين و عدم تجانسهم ,و يرمي في نفس الوقت الى أن يصل جميع المتعلمين الى تحقيق أهداف معرفية و غير معرفية بدرجة متساوية أو ملائمة.
غايات البيداغوجيا الفارقية و أهدافها :
تتحددالغاية الرئيسية للبيداغوجيا الفارقة في محاربة الفشل الدراسي ,وجعل كل متعلم في النهاية قادرا على اكتساب الحد اللازم من المعرفة و الخبرة الملائمين لإمكاناته (الكفايات الأساسية /القاعدية).
وباعتبارها استراتيجية /سيرورة بيداغوجية تنتظم من خلال وضعيات تعلمية و تقويمية ملائمة لحاجات المتعلمين و قدراتهم ,فهي تخول للمتعلم أساسا :
** الوعي بالقدرات و الإمكانات الذاتية .
**تنمية هذه القدرات و بلورتها في شكل كفايات أساسية .
**تحرير رغبته في التعلم من مختلف أشكال الصد و الإحباط ....
**الخروج به من بوتقة الفشل ,و إعادة الثقة لديه(في الذات و في الآخر)
و إنطلاقا من هذه المعطيات ,فإن البيداغوجيا الفارقية تضمن النجاح المدرسي من خلال تحقبق ثلاثة أهداف أساسية ترتبط بالتعلمات المدرسية ,و هذه الأهداف هي: **تحسين العلاقة (المتعلمون /مدرسون).
**إثراء التفاعل الإجتماعي .
**تعليم الإستقلالية و الإعتماد على النفس.
الأسس النظرية للبيداغوجيا الفارقية (مرتكزات فلسفية و علمية):
تستند البيداغوجيا الفارقية إلى عدد من الأسس النظرية يمكن إجمالها أبرزها في العناصر الأساسية الثلاثة التالية :
**النظرة الإيجابية للإنسان و لطاقته الداخلية .
**الإيمان بقابلية الإنسان للتعلم (educabilité) و قابليته للتعديل (modifiabilité).
**إعتبار الإختلاف بين الأفراد ظاهرة عادية طبيعية .
منطلقات التفريق (أسس النهج الفارق):
إن البيداغوجيا الفارقة تنتظم إستنادا إلى العناصر الأساسية الكامنة و راء عدم تجانس المتعلمين داخل الفصل الدراسي ,ومن أهم هذه العناصر :
الفوارق المعرفية ( cognitif ): وترتبط بسيرورات اكتساب المعارف ,و هي تشمل: الأشتعال الذهني و غنى السيرورات المعرفية التي تتركب أساسا من : التمثلات و الصور الذهنية أنماط التفكير (مشخص/مجرد,تحليلي /تركيبي ,إستنتاجي/إستدلالي...) إستراتيجيات التعلم... درجة تحصيل التعلمات و تخزينها.
الفوارق السيكولوجية ( psychologiques ) : وترتبط بالمعيش على مستوى الشخصية (المعيش الخاص بكل متعلم),وهي تشمل بصفة خاصة :الدافعية – الإرادة –الإنتباه - الإبداعية – الفضول – الطاقة – التوازن - الإيقاعات...
-الفوارق السوسيوثقافية ( Socioculturelles ) : و ترتبط بالسياق الثقافي و الإقتصادي العام الذي يتحرك داخله المتعلمون,و هو يشمل على الخصوص : القيم الضابطة للسلوك. المعتقدات السائدة . التاريخ الثقافي للأسرة. الرموز اللغوية المستعملة. أنماط التنشئة الإجتماعية المتعبة. الغنى الثقافي العام و مميزاته....
بيداغوجيات توظف في العمل التربوي الفارقي:
إن البيداغوجية الفارقة ليست نظاما بيداغوجيا مغلقا يعمل في إنفصال تام عن أنساق و مقاربات تربوية أعتيد العمل بها في ميدان التعليم المدرسي.و بإعتبارها مجموعة من الأدوات و السيرورات ,فهي تعتمد في إشتغالها على عدد من البيداغوجيات أهمها: **بيداغوجيا الأهداف **بيداغوجيا المجموعات **بيداغوجيا المشروع** بيداغوجيا التعاقد** بيداغوجيا التقويم .............
إن الخلاصة التي يمكن الخروج بها ,هي أن البيداغوجيا الفارقية تعمل على فتح أكبر عدد من المنافذ لأكبر عدد من المتعلمين. و بما أن بيداغوجية الفوارق هي مقاربة تضع في مركز اهتماماتها و تتنظم تبعا لخصائص عدم تجانس التلاميذ (اختلافاتهم المعرفية ، النفسية ة الاجتماعية - الثقافية). فهذه البيداغوجية تتصور عمل المعلم على شاكلة تدخلات مكيفة بدقة مع حاجات التلاميذ و مميزاتهم.
و هو يرمي إلى إعطاء لكل واحد منهم فرصة تنمية مؤهلاته و تصيل معارف من شأنها تمكينه من التصرف بكفاءة في عالم الغد. فهي مقاربة متمركزة حول التلميذ يجب على المعلم أن يهتم أساسا بتوفير بيئة ووسائل تستدعي الالتزام الشخصي للمتعلم في سيرورة التعلم و تدفعه إلى تفعيل عمله الفردي على مستوى امتلاك المعلومات.
يجب على المعلم أن يعرف معرفة جيدة تلميذه من حيث اهتماماته و إمكانياته مع الأخذ بعين الاعتبار جوانب إعداد الأنشطة التعليمية و خلق علاقات وجدانية معه من أجل الرفع من مستوى رغبته في التعلم.
يجب على المعلم أن يؤثر اهتمامه بالتلميذ أكثر منه الاهتمام بمحتوى البرامج، و ينطلق من مكتسبات هذا الأخير من أجل بناء معارفه. و يجب عليه كذلك أن ينسلخ من دور الملقن للمعلومات ليتبنى دور الميسر لعمليات التحصيل المعرفي.
فهي متمركزة حول بناء المعرفة و هذا يعني التخلي عن وضعيات التعليم المبني على المواجهة و الشفاهية و المرتكز على نقل المعرفة ة التي يتخذ فيها المتعلم وضع المتفرج السلبي. يعتبر عمل التلميذ هو الضمانة الأساسية للتعلم الهادف.
يجب على المعلم قيادة و تنشيط و تفعيل المعرفة و سيرورة البناء هذه بتوظيف أنشطةمتنوعة. فهي مقاربة متمركزة حول تنمية الكفاءات تهدف إلى جعل النتعلم قادرا على استثمار معارفه لكي يتمكن من التصرف بنجاعة.
تستلزم تنمية الكفاءات تظافر العوامل التالية:
**إدراك أهمية ودلالة أنشطة التعلم.
**تنوع و تعدد وضعيات التعلم اكتساب مهارات متعلقة بقاعدية المعرفة (la métacognition)
**ممارسة التوضيع (l'objectivation) فهي متمركزة حول مناخ القسم مجموعة القسم مجموعة مصغرة تضم تلاميذ عير متجانسين فعلى المعلم أن يقوم بتجربة أنشطة متعددة و متنوعة و محفزة لتمكين كل مكونات القسم من العمل إلى أقصى حد من قدراتهم ، و ذلك بتأمين الوحدة و انسجام مجموعة القسم. القسم مكان للحياة و العمل. لذا على المعلم أن يخلق جوا اجتماعيا هادئا داخل القسم و يعلم التلاميذ العيش و العمل مع بعضهم في جو تعاوني و تعاضدي ، إلخ... فهي متمركزة حول تعويد المتعلمين على تعلم المسؤولية و الاستقللال الذاتي يتطلب تسيير قسم متعدد المستويات الارتكاز على توزيع المسؤوليات بين المعلم و التلاميذ ، كما يتطلب الاشتراك الفعلي للجميع و تطبيق أكثر لمبدأ الاستقلال الذاتي داخل الفصل عندما تتم مشاركة التلاميذ في اتخاذ القرار على مستوى قواعد التعامل ، و أساليب العمل الفردي أو الجماعي بصفة عامة ، فإنهم يشعرون بالمسؤولية و القدرة على تدبير مسارهم التعليمي و القيام بالتعديل الذاتي لسلوكاتهم. دراسة تعاريف البيداغوجية الفارقية عدم تجانس الأطفال في الوسط المدرسي. المستوى الحاجيات وثيرة التعلم سرعة الفهم إرادة النجاح
أهداف البيداغوجية الفارقية :
** تدبير فوارق الاكتساب** الأخذ بعين الاعتبار أنواع الفهم **دعم إرادة النجاح و حفظها استراتيجية
تنظيم البيداغوجيا الفارقية :
على مستوى العمل عمل فردي عمل بمجموعات صغرى عمل جماعي على مستةى الوقت مرونة توزيع الزمن مدة العمل الفردي (من 3 إلى 4 س / الأسبوع) مدة العمل بمجموعات صغرى (حوالي 6 س / الأسبوع) مدة العمل الجماعي (حوالي 17 س / الأسبوع) التفريق البيداغوجي وضعية الانطـلاق (Test de positionnement) الواقع التربوي الواقع المـادي التفريق البيداغوجي البنـــيات السيــرورة المضاميــن تدبير الزمان : توقيت متمركز، متنوع، شمولي، متحرك، مرن. تدبير المكان : حجرة الدرس، قاعة توثيق، مكان خارجي، من ، مقر جماعة المتدخلون : منشط، مساهمون آخرون. تدبير المجموعة : تركيبة المجموعات استراتيجية التفريق دعامة التفريق الاستقلالية : نهج أساسي المناقشة المنظمة من قبل المنشط. الأنشطة التركيبية. تثبيت المكتسبات. تحليل دقيق لمضامين و طرائق المواد الدراسية. اعتبار قدرات المستفيدين في انتقاء المضامين و تكييفها. استثمار حصيلة التقييم القبلي. اعتبار المضامين أثناء تفييء المستفيدين. بلورة التكامل بين المواد الدراسية. بطاقة إجرائية لتشخيص الفوارق انطلاقامن واقع جماعة القسم التي تتعامل معها ، حاول تشخيص الفوارق الفردية بين المتعلمين و المتعلمات مع تصنيفها حسب المجالات الثلاثة الآتية الحلول المقترحة أمثلة المجال معرفي عقلي وجداني جسمي